كتب – رياض حجازي
ومعناه : أن القرار صدر قبل المداولة والتفكير , وبمعنى آخر الأمر الواقع أسرع من أن نلوم بعضنا ، ونكثر الكلام في المسألة ، وأما معنى لفظ “العذل” ، فهي اللوم والعتاب والتأنيب . ويقال هذا المثل للإنسان الذي يحاول أن يغير أمراً قد وقع حتما ً، فيقال له ، أو بمن يراجع أمراً معيناً دون جدوى وفائدة مما يفعل ، فيقال له هذا المثل ، من باب أن الأمر انقضى وانتهى . هذا ما يعنيه مثلنا ، ولكن يا ترى من صاحب هذا المثل (قائل هذه المقولة) ؟ ، وما مناسبته ؟ ، وما قصته ؟ ! أما صاحب هذا المثل فاسمه ضبظة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر.
كان صاحب مثلنا ضبة يملك قطيعاً من الإبل يرعاها ، وكان له ابنان ، أحدهما اسمه سعد ، والآخر كان سعيداً . في ذات ليلة من الليالي لاحظ ضبة بن أد أن الإبل تفترق وتنفر في جميع الاتجاهات ، فنادى ولديه وطلب منهما إرجاع تلك الإبل . خرج الابنان مسرعان في طلب الإبل واللحاق بها ، فتفرق كل واحد منهما في جهة . حتى جاء منتصف الليل ، فعاد سعداً بالإبل ، ولم يعد سعيد مطلقا ً. بحث الأب عن ابنه مدة طويلة دون أن يعرف له طريق . وفي يوم من الأيام قصد ضبة سوق عكاظ لبعض حاجته ، فإذا به برجلٍ عليه بردين قد عرفهما ضبة ، إنهما البردان اللذان كانا على ابنه سعيد يوم خروجه في طلب الإبل . تقدم ضبة من الرجل ، وقد كان اسمه الحارث بن كعب ، فسأله عن البردين ، فأخبره الحارث أنه صادف منذ أيام شاباً ، ووصفه لضبة ، عليه البردين ، فسأله أن يعطيه أحدهما ، لكنه رفض ، فقتله وسلبه ما عليه ، حتى سيفه ، علم ضبة في قرارة نفسه بأن ولده مات غدراً ، فطلب من الحارث أن يعطيه السيف لما فيه من لمعان يدل على قوته ، فأعطاه الحارث السيف ، دون أن يدري أنه والد قتيله ، فانقض ضبة على رقبة الحارث وأرداه قتيلاً . تجمع الناس ولاموا ضبة ، ووبخوه لأنه قتل نفسًا بالأشهر الحرام فقال مقولته الشهيرة : سبق السيف العذل . ثم أصبح مثلاً تنطق به الناس إلى يومنا هذا
المصدر
صفحات مشرقه